بُنيّ الذي أهدته كفّاي الثّرى

د. علي بن عبدالكريم أحمد السويلم

 

فيا عزّة المُهدى ويا حسرة المهدي

    إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، اللهم اجبر مصابنا الجلل في فقيدنا الغالي نواف بن علي السويلم، اللهم واغفر له وارحمه وأكرم نُزله مع الصديقين والشُهداء والأبرار، وأسكنهُ الفردوس الأعلى، ودار نعيم ومقام دائم خيراً من دنيانا الفانية، اللهم وألهم والدته وزوجته وإخوته وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وأنزل عليهم سكينتك والطف بابنتيه وأحسن توفيقهما، وأحسن اللهم عزاءنا في نواف.

​   عزائي يا ولدي صبري واحتسابي بمصابي الجلل في فقدكم ورحيلكم، عزائي ما أجمع عليه زملاؤكم في الدراسة والعمل ورفاقكم وجميع معارفكم، والجمع الغفير الذين زاحموا الأقدام واكتظوا في تشييع من أحبوا لمثواه الأخير وتقديم واجب العزاء على تمتعكم بأفضل الخصال والسجايا الكريمة، وعلى تواضعكم الجم وحبكم المنقطع النظير لفعل الخير.  

​    لقد كنتم كما أجمع الجمعان خلال مراحل دراستكم مثالاً للطالب المُجّد المثابر الأريب الحصيف المهذب في طبعه وطباعه مع مدرسيه وزملائه شهدوا لكم بالطبع الأصيل والوجه البشوش والسماحة، وأنكم لم تبخلوا يوماً على زميل لكم بنصح، فكان الرضا عنكم كالبدر في اكتماله، جميعهم كانوا سعداء بكم في سربهم وحزت رضاهم بمثل ما حزت رضا والديك وبرهم.

إن المرء حين يتحدث عن مآثركم تخونه الأبجدية وتعجمه الضاد فلا يستطيع أن يوفيكم حقكم من الثناء، ولكن أكتفي بما تفضل به رئيسكم في الهيئة العامة للاستثمار معالي الأستاذ عمرو بن عبد الله الدباغ واصفاً سنوات الزمالة معكم بقوله: «لقد كان يرحمه الله، ذا خلق رفيع وتواضع جم وإتقان في العمل»، وهو ما أجمع عليه زملاؤكم فيها، وأكده رؤساؤكم وزملاؤكم في الهيئة العامة للسياحة والآثار، وهيئة المدن الاقتصادية، وكافة من سعدوا برفقتكم، وأسعدتموهم بدماثة خلقكم وتسامحكم، ها هم اليوم يشاطرونني أحزاني، ويستبد بهم برحيلكم ما استبدّ بي من الحزن والأسى، يبكون الطيب والأصالة في شخصكم الكريم وأنا معهم أرثي رجلاً تفاخر به الرجال.

    فأنت يا نواف خلال عملكم بالمكتب السعودي محامون ومستشارون سعيتم جاهدين لإرضاء وكسب الموكلين والزملاء ودعمهم بما استطعتم، وهم من أكدوا أن ما حصلوا عليه من زيادة تعادل ربع المرتب الذي يتقاضونه هي إحدى ثمرات جهودكم.

​   كم نحن محزونون يا نواف على رحيلكم الذي لم يمهلنا، لكنها مشيئة الله وعزاؤنا ما دوّنه الناس في صحيفتكم من ثناء أنتم أهل له، وألسنة تلهج بالدعاء الذي تستحقونه ولسان حالهم يقول:

 

وأفجعُ من فقدنا من وجدنا

قُبيل الفقد مفقُود المثال

يُدفّنُ بعضُنا بعضاً وتمشي

أواخرُنا على هام الأوالي

فإن تفُق الأنام وأنت منهُم

فإنّ المسك بعضُ دم الغزال

 

​     أنتم السابقون ونحن اللاحقون، وآخر دعوانا لكم بالغفران وأن يكرم نزلكم من بسط الأرض ورفع السماء وأن يجمعنا معكم والمسلمين في الفردوس الأعلى إنه سميع مجيب الدعاء.